الطـــارق للمعرفة و التطور الطـــارق للمعرفة و التطور
recent

آخر المقالات

recent
random
جاري التحميل ...

تهمنا تعليقاتكم المفيدة

مكثر...مكتريس... أرض الملوك المنسيين

📚 جدول محتوى المقال

  1. مقدمة: مدينة تنام على أسطورة

  2. 📍 الموقع الجغرافي لمكثر

    • موقعها الاستراتيجي بين المدن القديمة

    • ارتفاعها وتأثيره على مناخها وطبيعتها

  3. ⛰️ جبال تحرس التاريخ

    • جبل السرج

    • جبل كسرى

    • جبل برقو

  4. 🌿 ذاكرة منسية في زمن الثورة

    • مطلب المتحف الجهوي... صرخة مختلفة

    • ما الذي يعنيه "المكان" للمكثريين؟

  5. 🏛️ من نوميديا إلى روما

    • حنبعل ونهاية الحلم النوميدي

    • الاستعمار الروماني وتحوّل مكتريس إلى مستعمرة

  6. 📜 تاريخ بشري يعود لما قبل التاريخ

    • القبور الجلمودية كدليل أثري

    • نظريات الوجود البشري قبل الميلاد

  7. 🏘️ الأحياء الأربعة: حكايات من حجارة

    • الحي الأول: السوق والكنيسة والحمّام

    • الحي الثاني: مدرسة الشباب وضريبة الزيت

    • الحي الثالث: الكنيسة والمعبد النوميدي

    • الحي الرابع: مدرّج ومعبد "ساتورن"

  8. 🏛️ المتحف المحلي: شاهد مهمل

    • تاريخ التأسيس والمحتويات

    • لماذا لم يتحول إلى متحف جهوي؟

  9. 🪨 قوس النصر: قلب المدينة القديمة

    • موقعه الفريد خارج الأسوار

    • ترميماته والاكتشافات المدهشة

  10. ⛏️ حفريات متوقفة وذاكرة مستباحة

    • توقف التنقيب منذ أكثر من 20 عامًا

    • لماذا تجاهلها المعهد الوطني للتراث؟

  11. 🏞️ الواقع البيئي والجغرافي

    • كيف شكّل الجغرافيا التراث؟

    • الماء، الصخور، التربة والطقس

  12. 🏠 العمارة الاستعمارية الفرنسية

    • الحامية والقيادة الفرنسية

    • ماذا بقي من معمار الاحتلال؟

  13. 🌍 مكثر في السياق الحضاري التونسي

    • موقعها بين قرطاج وزامة وتيبوربوماجوس

    • مركز إشعاع حضاري نائم

  14. 🔚 خاتمة: هل تستفيق المدينة؟


مقدمة: مدينة تنام على أسطورة

في أعالي جبال سليانة، حيث تهمس الريح بقصص الأجداد وتتوسد الأرض أطلال آلاف السنين، هناك مدينة تُدعى "مكثر"، أو كما عرفها الرومان قديمًا "مكتريس". ليست مجرد حجر منسي ولا أطلال مطموسة، بل ذاكرة تتنفس من خلال الصخور، وصرخة تنتظر من يصغي لها في زمن تكدّست فيه المدن على الإسمنت، واندثرت فيه القصص خلف أبراج الزجاج.



📍 الموقع الجغرافي لمكثر

موقعها الاستراتيجي بين المدن القديمة

تقع مكثر في ولاية سليانة، وتحديدًا على هضبة تعلو 900 متر عن سطح البحر، مطوقة بهلال من الجبال الشامخة. تتوسط مكثر شبكة من المدن الأثرية والتاريخية مثل زامة، تيبوربوماجيس، حضرموت، سيراس، وحيدرة. ويبدو وكأنها واسط تونس، تمامًا كواسط العراق، تتنفس التاريخ من كل الجهات.

ارتفاعها وتأثيره على مناخها وطبيعتها

يمنحها هذا الارتفاع مناخًا مميزًا يميل إلى البرودة والاعتدال، حيث تتساقط الثلوج أحيانًا في الشتاء وتنعشها النسائم الجبلية في الصيف، ما يجعلها نقطة جذب طبيعية لمحبي الطبيعة والمغامرة، لكنها تظل مجهولة كأنها تخجل من الظهور رغم جمالها الصامت.


⛰️ جبال تحرس التاريخ

جبل السرج وجيرانه

تحرس جبال السرج، كسرى، برقو، مسوج، ووسلات هذه المدينة كما تحرس الجفون حلمًا غاليًا. جبال لا تنام، بل تروي بصمتها معارك النوميديين والقرطاجيين والرومان والوندال، وتشهد على فصول منسية من مقاومة شعب أحب الأرض حد التقديس.


🌿 ذاكرة منسية في زمن الثورة

مطلب المتحف الجهوي... صرخة مختلفة

في خضم الحراك الثوري سنة 2011، رفع أبناء مكثر شعارًا لم يكن "التشغيل" أو "التنمية" بمعناها المادي، بل طالبوا بمتحف جهوي... نعم، متحف يحفظ ذاكرة الأرض. كانت تلك صرخة من لا يخشى الفقر بقدر ما يخشى النسيان.

ما الذي يعنيه "المكان" للمكثريين؟

كان مطلبهم صوتًا نقيًا منغرسًا في التراب، لا تلوّثه المصالح السياسية ولا الشعارات الاستهلاكية، فكل مكثري يرى في ترابه امتدادًا لجده النوميدي أو الروماني أو القرطاجي، ويرى في الحجارة الطينية أسفارًا لم تُقرأ بعد.


🏛️ من نوميديا إلى روما

حنبعل ونهاية الحلم النوميدي

تذكر الروايات أن جزءًا من جيش حنبعل خيّم في مكثر قبل المعركة الأخيرة ضد الرومان في زامة القريبة. كان الأهالي يعلّقون آمالهم على نصر يعيد مجد "يوبا الأول" ويقيم نوميديا الكبرى، لكن الهزيمة كتبت بمداد الشرف، وكانت مكثر شاهدة على لحظة من التاريخ تُروى كما تروى الأساطير.

الاستعمار الروماني وتحوّل مكتريس إلى مستعمرة

بعد الهزيمة، دخل الرومان بعنفهم المعماري ونظامهم الإداري، وحوّلوا مكتريس إلى مستعمرة رسمية في عهد ماركوس أريوليوس، فصارت مركزًا إداريًا لأكثر من 64 مدينة. ومذّاك، صار للتاريخ طابع روماني وللحجارة صوت آخر.


📜 تاريخ بشري يعود لما قبل التاريخ

القبور الجلمودية كدليل أثري

في سهول "الخلصة" و"سيراس" و"أولاد خزام"، تنتشر قبور ضخمة تُعرف بالقبور الجلمودية، وهي مقابر تسبق التاريخ وتخترق الزمن. تشير إلى أن الوجود البشري في مكثر قد يعود إلى عصور ما قبل الكتابة، إلى ما قبل الحكاية ذاتها.


🏘️ الأحياء الأربعة: حكايات من حجارة

حين تمشي في مدينة مكثر القديمة، ستكتشف أنها ليست موقعًا أثريًا فحسب، بل فسيفساء من "الأحياء" التي تحكي كل منها قصة مختلفة عن الأخرى، وكأن كل حي هو فصل من كتاب ضائع.

1. الحي الأول: السوق والكنيسة والحمّام

هنا كان القلب النابض للمدينة. شوارع مرصوفة بأحجار متآكلة بفعل الزمن، تتوسطها بقايا كنيسة رومانية وساحة سوق، حيث كانت البضائع تُعرض على عربات خشبية وتُشترى بالعملات البرونزية. إلى جانبه، حمّام روماني دافئ، تهمس جدرانه بأحاديث الاستحمام الجماعي ومرايا البخار القديمة.

2. الحي الثاني: مدرسة الشباب وضريبة الزيت

يقف مبنى ضخم، بأعمدته الأربعة، شامخًا وسط الحي الثاني، كان يُعتقد أنه "مدرسة" للشباب الروماني أو معهدًا للخطابة والفنون. إلى جانبه، توجد ساحة كانت تُستخدم لتحصيل "ضريبة الزيت"، أحد أهم الموارد الاقتصادية في مكثر القديمة، حيث تفيض الجِرار من زيت الزيتون المكثري المعروف بجودته.

3. الحي الثالث: الكنيسة والمعبد النوميدي

يمتزج الدين هنا مع السلطة، حيث تقف بقايا كنيسة قوطية تتناظر مع معبد نوميدي أقدم منها، وكأن الزمن لم يستطع أن يفصل بين الإيمانين. حجارة المعبد منقوشة بأشكالٍ غريبة، قد تكون رموزًا مقدسة، أو طقوسًا تعود ليوبا الأول أو ماسينيسا.

4. الحي الرابع: مدرّج ومعبد "ساتورن"

وهنا تُقام الاحتفالات. مدرّج نصف دائري، يطل على الهضاب الخضراء، تتناثر فيه المقاعد الحجرية وكأنها تنتظر جمهورًا لن يعود. خلفه، معبد مخصص للإله الروماني "ساتورن"، إله الزراعة والوفرة، وهو إله تتناغم طقوسه مع طبيعة مكثر الخصبة.


🏛️ المتحف المحلي: شاهد مهمل

تاريخ التأسيس والمحتويات

في سنة 1967، تم افتتاح متحف محلي صغير في مكثر، كان من المفترض أن يكون نواة لذاكرة حضارية، لكنه بقي محدود الإمكانيات، أشبه بمخزن منسي لحفريات عظيمة. يحتوي على تماثيل نصفية، نقوش لاتينية، فسيفساء رومانية، وأدوات نوميدية... لكنها مكومة في زوايا ضيقة، بلا تصنيف واضح أو ترويج.

لماذا لم يتحول إلى متحف جهوي؟

رغم مطالبات المجتمع المدني، لم يُرقَّ المتحف إلى رتبة "جهوي"، وظل في تصنيف "محلي"، مما يحرمه من الدعم المادي واللوجستي، ويُقصيه من خارطة الترويج الثقافي التونسي. وكأن الزمان قرر أن يمدّ يده للذاكرة ثم يسحبها في اللحظة الأخيرة.


🪨 قوس النصر: قلب المدينة القديمة

موقعه الفريد خارج الأسوار

بعكس الأقواس الرومانية التقليدية التي تقع في قلب المدن، يتميز "قوس مكثر" بتموقعه خارج الأسوار، على طريق القوافل القادمة من حضرموت أو تيبوربوماجوس. كأنه بوابة رمزية بين عالم الداخل (المدينة) وعالم الخارج (البرية).

ترميماته والاكتشافات المدهشة

شهد القوس ترميمًا جزئيًا سنة 1997، حيث تم اكتشاف نقوش تشير إلى اسم الحاكم الروماني الذي أمر ببنائه. كما عُثر قربه على تمثال نصف مدفون لإله مجهول، يُعتقد أنه مزيج بين ساتورن وبعل حمّون.


⛏️ حفريات متوقفة وذاكرة مستباحة

منذ مطلع الألفية، توقفت الحفريات الأثرية في مكثر لأسباب "إدارية" و"لوجستية"، بينما الواقع أن المدينة تُركت لرحمة الزمن، وعُهد بتاريخها إلى بعض المتطوعين والمحبين.

لماذا تجاهلها المعهد الوطني للتراث؟

رغم ما تحمله مكثر من كنوز أثرية نادرة، لم تُدرج ضمن الأولويات القصوى للمعهد الوطني للتراث، ربما بسبب موقعها الجبلي أو ضعف المرافق السياحية، لكنها تظل جريمة في حق حضارة بأكملها.


🏞️ الواقع البيئي والجغرافي

تقع مكثر على هضبة غنية بالمياه الجوفية، تحفها غابات البلوط والزياتين البرية. جغرافيًا، يمكن اعتبارها بيئة جبلية شبه متوسطية، تدمج بين برودة المرتفعات وخصوبة السهول.

كيف شكّل الجغرافيا التراث؟

هذا التنوع الجغرافي هو ما سمح بتطور الحضارة فيها: من القبور الجلمودية في الجبال، إلى معابد الزراعة في السهول، إلى قنوات المياه الرومانية التي لا تزال تُكتشف حتى اليوم.


🏠 العمارة الاستعمارية الفرنسية

خلال الفترة الاستعمارية، بُنيت في مكثر "الحامية الفرنسية"، و"قيادة الجيش"، وعدة بنايات عسكرية ما تزال قائمة إلى اليوم، رغم الإهمال. وبعضها تحوّل إلى مساكن أو مقرات إدارية، والبعض الآخر ظل مهجورًا، يحرسه الغبار والكلاب السائبة.


🌍 مكثر في السياق الحضاري التونسي

حين نربط مكثر بالمدن الكبرى القديمة، ندرك أنها لم تكن هامشًا بل مركزًا. بين قرطاج وزامة، بين تيبوربوماجوس وحيدرة، كانت مكثر هي "المعبر"، "السوق"، "المعسكر"، و"الحلم النوميدي" الذي لم يكتمل.


🔚 خاتمة: هل تستفيق المدينة؟

إن مكثر ليست مجرد أطلال، بل شهادة على قدرة الشعوب على البقاء، على الحلم، على أن يظل التراب يروي ما لا تقوله الكتب. لا تحتاج المدينة لمن "يعمرها"، بل لمن "يفهمها"، لمن يسمع همس الحجارة في الليالي الباردة، ويقرأ القصائد المحفورة على الأعمدة.

هل ستستفيق مكثر؟
ربما... إن وجد من يحبها كما أحبها النوميديون يومًا، وكما حلم بها حنبعل قبيل المعركة الأخيرة.


❓ الأسئلة الشائعة (FAQs)

1. أين تقع مدينة مكثر؟
تقع مكثر في ولاية سليانة بالشمال الغربي التونسي، وتعلو حوالي 900 متر فوق سطح البحر.

2. ما أهم المعالم الأثرية في مكثر؟
قوس النصر، الأحياء الرومانية الأربعة، القبور الجلمودية، والكنائس والمعبد النوميدي.

3. ما هو تاريخ مكثر؟
يعود إلى ما قبل التاريخ، مرورًا بالنوميديين والرومان والوندال، وصولًا إلى العهد البيزنطي.

4. هل يوجد متحف في مكثر؟
يوجد متحف محلي صغير منذ سنة 1967، لكنه لا يفي بتاريخ المدينة ويطالب السكان بتحويله إلى متحف جهوي.

5. لماذا تعتبر مكثر منسية؟
بسبب توقف الحفريات منذ أكثر من 20 سنة، وغياب الترويج والاهتمام الرسمي بتراثها الغني.


عن الكاتب

Med Tarek KANOUN

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

الطـــارق للمعرفة و التطور