في مساءٍ ربيعيٍّ ناعم، وبين أرففٍ عتيقةٍ في مَتْحَفٍ صغيرٍ بِنْيُو يورك، تَوقَّفَتْ "رُقيَّة"، ذاتُ التسعِ سنوات، أمامَ دُميةٍ قُطنيةٍ بعينٍ ناقصةٍ وفستانٍ مُطرَّزٍ تقليديّ. كانتْ مكتوباً تحتَها: "دُميَّةٌ من فِلسطين – هديَّةٌ من نورين ر. وازِك، 1993".
سَأَلَتْ والدَتها:
ــ "أُمّي… لِمَنْ هٰذِهِ الدُّميَّة؟"
تَجمَّدَتْ الأمُّ، وعيناها تَبرُقان بِالدُّمُوع، ثُمّ قالت بهدوءٍ مَشُوبٍ بالألم:
🌿 قِصَّةُ الدُّميَّةِ المَسْرُوقَة
كانت نورين تَلعَبُ بها يومًا، وتقرأُ مذكِّراتِ ليلى يومًا آخر… تَعلَّمتْ عن حياتِها، وأصدقاءِها، وحتى خَوفِها من الظلام.
ومع مرورِ السِّنين، انتقلَتْ نورين إلى أمريكا وأخذتِ الدُّميةَ معها، غيرَ مدركةٍ تمامًا للوجعِ الذي كانتْ تحمِلُهُ تلك اللعبةُ القُطنية.
🔍 الرِّحْلَةُ لِلعُثُورِ عَلَى الذِّكْرَى
بعد خمسين عامًا، كانت "رقيَّة" تَجمعُ قصصَ الجَدَّة ليلى، التي رحلتْ عن العالَم، بحثًا عن كلِّ ما يُشبهها. وجدتْ رسالةً قديمةً بين أوراقٍ صفراء، كُتِبَ فيها بخطِّ الطفلة ليلى:
"إلى من يجدُ دُميَتي، أرجوك… اعتنِ بها. إنَّها تَحمِلُ كلَّ ذكرياتي."
بِتلك الرسالة، بدأت رُقيَّة بحثَها حتى وصلت إلى مَتحفٍ في نيويورك يعرض "ألعابًا من بلادٍ مُمزَّقة". وهناك… كانت الدُّمية.
🕊️ رُقَيَّةُ وَنُورين… وَالوَعْدُ البَاقِي
تواصَلتْ رُقيَّة مع نورين المُسِنَّة، التي لم تَعرف يومًا أنَّها كانت تَحمِلُ معها ذاكرةَ نكبة. جَلَسَت نورين أمام الشاشَة تبكي، تُمسِكُ بمذكِّراتِ ليلى، وتَقول:
ــ "أنا آسفة… كنتُ طفلةً، لم أكنْ أدرِي."
وهكذا، عادت الدُّمية، بعد نصفِ قرن، إلى أحضانِ الوطن. لم تَعُد لعبةً، بل شهادةً على صمودٍ طويلٍ، وأملٍ لا يموت.
تهمنا تعليقاتكم المفيدة