الطـــارق للمعرفة و التطور الطـــارق للمعرفة و التطور
recent

آخر المقالات

recent
random
جاري التحميل ...

تهمنا تعليقاتكم المفيدة

لِمَنْ هٰذِهِ الدُّمْيَةُ؟

في مساءٍ ربيعيٍّ ناعم، وبين أرففٍ عتيقةٍ في مَتْحَفٍ صغيرٍ بِنْيُو يورك، تَوقَّفَتْ "رُقيَّة"، ذاتُ التسعِ سنوات، أمامَ دُميةٍ قُطنيةٍ بعينٍ ناقصةٍ وفستانٍ مُطرَّزٍ تقليديّ. كانتْ مكتوباً تحتَها: "دُميَّةٌ من فِلسطين – هديَّةٌ من نورين ر. وازِك، 1993".
سَأَلَتْ والدَتها:
ــ "أُمّي… لِمَنْ هٰذِهِ الدُّميَّة؟"
تَجمَّدَتْ الأمُّ، وعيناها تَبرُقان بِالدُّمُوع، ثُمّ قالت بهدوءٍ مَشُوبٍ بالألم:

ــ "تِلْكَ… كانت دُميَّةَ جَدَّتِكِ، ليلى."

🌿 قِصَّةُ الدُّميَّةِ المَسْرُوقَة

في عامِ 1948، وعندما كانتْ "ليلى" في مثلِ عُمرِ رُقيَّة، اجتاحتِ الجُنُودُ قريَتَها في فِلسطين، وصَرَخَ والدُها: "خُذُوا ما تستطيعون وحافظوا على الرُّوح!"
لم تَستطِع ليلى أنْ تَأخُذَ دُميَتَها. كانت تَبكي وهي تَنظُر إليها للمرَّةِ الأخيرة.


في ذاتِ البيتِ، وبعد أسابيع، استقرَّتْ عائلةٌ جاءت من بولندا، وكانَتْ لديهم طفلةٌ تُدعى "نورين". وجدتْ نورين الدُّمية في الخزانة، فاحتضَنَتها بفرحٍ وقالت:
ــ "أخيرًا! دُميَّةٌ لي!"

كانت نورين تَلعَبُ بها يومًا، وتقرأُ مذكِّراتِ ليلى يومًا آخر… تَعلَّمتْ عن حياتِها، وأصدقاءِها، وحتى خَوفِها من الظلام.

ومع مرورِ السِّنين، انتقلَتْ نورين إلى أمريكا وأخذتِ الدُّميةَ معها، غيرَ مدركةٍ تمامًا للوجعِ الذي كانتْ تحمِلُهُ تلك اللعبةُ القُطنية.


🔍 الرِّحْلَةُ لِلعُثُورِ عَلَى الذِّكْرَى

بعد خمسين عامًا، كانت "رقيَّة" تَجمعُ قصصَ الجَدَّة ليلى، التي رحلتْ عن العالَم، بحثًا عن كلِّ ما يُشبهها. وجدتْ رسالةً قديمةً بين أوراقٍ صفراء، كُتِبَ فيها بخطِّ الطفلة ليلى:

"إلى من يجدُ دُميَتي، أرجوك… اعتنِ بها. إنَّها تَحمِلُ كلَّ ذكرياتي."

بِتلك الرسالة، بدأت رُقيَّة بحثَها حتى وصلت إلى مَتحفٍ في نيويورك يعرض "ألعابًا من بلادٍ مُمزَّقة". وهناك… كانت الدُّمية.



🕊️ رُقَيَّةُ وَنُورين… وَالوَعْدُ البَاقِي

تواصَلتْ رُقيَّة مع نورين المُسِنَّة، التي لم تَعرف يومًا أنَّها كانت تَحمِلُ معها ذاكرةَ نكبة. جَلَسَت نورين أمام الشاشَة تبكي، تُمسِكُ بمذكِّراتِ ليلى، وتَقول:

ــ "أنا آسفة… كنتُ طفلةً، لم أكنْ أدرِي."

أهدتْ الدُّمية إلى رقيَّة، ومعها وعدٌ:
"أعيديها إلى فلسطين… لتَرجِع الذاكرةُ إلى المكان."

وهكذا، عادت الدُّمية، بعد نصفِ قرن، إلى أحضانِ الوطن. لم تَعُد لعبةً، بل شهادةً على صمودٍ طويلٍ، وأملٍ لا يموت.


📌 العِبْرَةُ

ليستِ القِصَّةُ عن دُميَّةٍ فقط، بل عن تاريخٍ سُرِق، وذاكرةٍ تَنتظرُ من يُعيدُها.
إنَّ الحقَّ لا يَضيعُ ما دامَ هناكَ من يُؤمِنُ به، ولو طالَ الزَّمَن.

✨لا تَنسَ الاشتراك في القائمةِ البريديَّة، وترك تعليقٍ يُعبِّر عن مشاعرك، ومُشاركةِ هذه القِصَّةِ مع أصدقائِك لتصلَ إلى كلِّ من نَسِيَ أو تَناسَى.


هل أثَّرت فيك القصة؟
اكتب لنا في التعليقات: ما هي الذكرى التي تتمنّى أن تعود إليك يومًا؟ 💔🧸


عن الكاتب

Med Tarek KANOUN

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

الطـــارق للمعرفة و التطور